الشعبويون يتعمدون خلق مشكلات غير قابلة للحل، وهذه هي استراتيجيتهم الحقيقية، وليست السذاجة.
بقلم الفيلسوف مارك ليغسما
في السياسة الهولندية اليوم، نشهد صعود سياسيين يستخدمون ما يمكن وصفه بـ”الغباء المتعمد” كاستراتيجية للحكم، وهو ما يلوح في الأفق أيضاً على الساحة السياسية الأمريكية. هذا المصطلح الذي أستعيره من الكاتب ساندر شيميلبنك، يشير إلى استخدام السذاجة كأداة سياسية، حيث يتم تضليل الجماهير عمداً لتحقيق أهداف خاصة.
إشعال الصراعات وتضخيم المشكلات
الشعبويون يستغلون مشاعر الغضب والإحباط الشعبي، لكن بدلاً من حل المشكلات، يقومون بجعلها مستحيلة الحل. المثال الأبرز هو أزمة اللجوء: بينما يزعم الشعبويون أنهم يستجيبون لمعاناة الناس، يقومون في الوقت نفسه بتفكيك قوانين أساسية، مثل قانون توزيع اللاجئين، مما يجعل المشكلة تتفاقم بدلاً من حلها.
الإسلام كمشكلة مصطنعة
أعاد خيرت فيلدرز مؤخراً إلى السطح خطابه القديم عن الإسلام باعتباره تهديداً. يدعو فيلدرز إلى تقليل عدد المسلمين في هولندا، رغم أنهم مواطنون هولنديون في الأساس. هذا التناقض يعكس استراتيجية صنع مشكلات غير قابلة للحل، حيث يتم تصوير الإسلام كعدو داخلي، مما يخلق صراعات مستمرة تُبقي الجمهور في حالة من التوتر والارتباك.
استغلال “الحماقة المصطنعة”
استراتيجية الشعبويين تعتمد على التفكير، وليس على الجهل. فهم يصممون قضايا معقدة عمداً ليضمنوا أن يظل الجمهور عالقاً في متاهة لا نهاية لها من النقاشات العقيمة، مما يجعل الجميع يشعرون بالعجز.
الدرس للسياسيين التقدميين
على الساسة التقدميين أن يخرجوا من هذه اللعبة، وألا يسمحوا لأنفسهم بالوقوع في فخ التلاعب الشعبوي. المشكلة ليست في الإسلام، ولا في الهجرة، بل في الهيمنة على النقاش العام من خلال قضايا مصطنعة تخدم أجندات الانقسام.
مواجهة الخطاب الشعبوي
من الضروري أن تعلن السياسة التقدمية بوضوح أن الشعبوية ليست حلاً، بل هي أداة لتعميق الأزمات. يجب على التقدميين أن يرفضوا الوقوع في لعبة الاستقطاب، وأن يعملوا على تقديم حلول حقيقية وشاملة تعيد بناء الثقة في المجتمع وتواجه أدوات الشعبويين الهدامة.
مارك ليغسما هو فيلسوف ومؤلف كتاب “عين الكارثة”.
+ There are no comments
Add yours