رأي | عندما يتحول خطأ فردي إلى سلاح جماعي ضد اللاجئين

في واحدة من سقطات الإعلام اليميني المتطرف في هولندا، نشرت صحيفة Telegraaf بتاريخ 30 أغسطس 2025 خبراً عن إلغاء امتحان اللغة الهولندية “Spreken”، وأرفقته بصورة فتاة محجبة.

قد يظن البعض أن اختيار هذه الصورة مجرد صدفة، لكنه في الواقع إسقاط متعمد لترسيخ فكرة أن اللاجئين هم المسؤولون عن هذه القضية.

نحن في هولندا عربية نشرنا خبر الإلغاء فور صدوره قبل أيام، لكننا نرى أن إعادة تدوير القصة بهذا الشكل يدخل في إطار الحرب الشعواء على اللاجئين، حيث يتم تحميلهم مسؤولية كل ما هو سلبي، في تجاهل تام للعديد من النماذج الإيجابية والقصص الناجحة التي يقدمها اللاجئون في المجتمع الهولندي.

صحيح أن الأخطاء قد تصدر من بعض اللاجئين، كما تصدر من أي شريحة مجتمعية أخرى، لكن أن يتم تعميمها وربطها دوماً باللاجئين فهذا هو جوهر العنصرية والانحياز الإعلامي.

الأخطر من ذلك أن بعض اللاجئين الذين حصلوا على إقامة أو جنسية يهاجمون غيرهم من اللاجئين، وكأنهم نسوا أن السياسي اليميني خيرت فيلدرز لا يميز بين “لاجئ مؤيد له” و”لاجئ معارض له”. في نظره، كل اللاجئين على حد سواء كسالى، منتفعون، يسعون وراء المساعدات والمال، ولا يستحقون مكاناً في هولندا.

الأهم هنا أن ما كشفته مؤسسة Ad Appel Taaltrainingen، وهي جهة تعليمية متخصصة، يوضح أن القضية لا علاقة لها بـ”اللاجئين” كجماعة، وإنما بوجود عصابات إجرامية تستغل الامتحانات، فقد ذكرت المؤسسة أن مثل هذه العصابات ظهرت سابقاً في أمستردام عام 2019، وتقوم باستخدام وسائل مثل البلوتوث والميكروفونات لإعطاء الإجابات للطلاب مقابل المال. أي أن المسألة تتعلق بالفساد المنظم، لا بجنسية أو خلفية بعينها.

إن كان من المتوقع أن يهاجم اليمين المتطرف اللاجئين، فإن أن يهاجم اللاجئ اللاجئ الآخر فهذا هو قمة الاضطراب النفسي وفقدان البوصلة،والحقيقة أن استغلال هذه الحوادث لتشويه صورة اللاجئين هو ظلم مزدوج: أولاً لأن الجهة المسؤولة عن المشكلة هي شبكات إجرامية، وثانياً لأن اللاجئين مثل أي مجموعة أخرى ليسوا كتلة واحدة بل فيهم الناجح والمتعثر.

إن اختزال هذه الفئة في صورة نمطية سلبية هو استمرار لبناء رأي عام يقوم على الخوف والكراهية بدلاً من الحقيقة والعدالة.

Please follow and like us:

+ There are no comments

Add yours