كشفت السلطات الهولندية أن وكالة توظيف في أوتريخت قامت بتعيين عشرات العاملين المستقلين في قطاع الرعاية الصحية باستخدام شهادات مزورة، مما أدى إلى فتح تحقيق جنائي ضد 15 شخصًا.
ووفقًا لتحقيق واسع النطاق أجرته هيئة التفتيش الهولندية للصحة ورعاية الشباب (IGJ)، تم اكتشاف أكثر من 60 حالة لعاملين في قطاع الرعاية الصحية يزاولون المهنة دون الحصول على المؤهلات اللازمة. وقد زودت الوكالة، التي تحمل اسم Samen-Zorgzaam B.V.، عددًا من المؤسسات الصحية في مختلف أنحاء هولندا بموظفين غير مؤهلين.
خطر على سلامة المرضى
ذكرت تقارير IGJ أن “العثور على أفراد غير مؤهلين يعملون مباشرة مع مرضى ضعفاء أدى إلى زيادة عدد الحوادث الخطيرة والمخاطر الصحية.” كما أشارت التقارير إلى أن بعض هؤلاء العاملين لديهم روابط بمنظمات ذات دوافع متطرفة.
وقد وثّق مفتشو الصحة العديد من الحوادث الخطيرة المرتبطة بالموظفين غير المؤهلين في منشآت الرعاية الصحية، من بينها حالات حروق شديدة بسبب إجراءات استحمام غير صحيحة، وإدخال قسطرة بشكل خاطئ مما تسبب في إصابات، وحتى استغلال المرضى في أنشطة إجرامية.
وأكدت وزارة العدل والأمن الهولندية أنه يجري اتخاذ إجراءات قانونية ضد بعض الحالات المكتشفة، في حين أن قضايا أخرى لم تدخل نطاق الملاحقة القضائية بسبب تعقيدات قانونية.
اختراق القطاع الصحي بموظفين غير مؤهلين
تأسست وكالة Samen-Zorgzaam B.V. عام 2018 في أوتريخت، وكانت توفر موظفين للرعاية الصحية العقلية، ورعاية المسنين، ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة. ووفقًا لتحقيق أجرته RTL Nieuws، فقد تعاونت الوكالة مع كبرى مؤسسات الرعاية الصحية في هولندا، مثل Zozijn وAlliade وDe Trans-Espria وArkin. وأكدت وثائق حصلت عليها RTL أن العاملين غير المؤهلين كانوا نشطين داخل هذه المؤسسات خلال فترة التحقيق.
أعرب أندريه دن إكستر، الأستاذ المشارك في قانون الصحة بجامعة إيراسموس، عن إدانته لهذا الإهمال قائلاً:
“مزودو الرعاية الصحية مسؤولون قانونيًا عن ضمان جودة الرعاية. الأمر بسيط: يجب على الموارد البشرية التحقق من مؤهلات أي موظف قبل توظيفه.”
علاقة وكالات التوظيف بالجريمة المنظمة
أبدت هيئة IGJ والسلطات القضائية قلقًا متزايدًا بشأن انتشار وكالات توظيف مزورة في قطاع الرعاية الصحية الهولندي. وتشير التقارير إلى أن بعض هذه الوكالات لها علاقات مباشرة بالجريمة المنظمة. وقد اكتشفت السلطات حالات لمجرمين عنيفين، بمن فيهم مهربو مخدرات ومتفجرات الصرافات الآلية (ATM bombers)، الذين تمكنوا من الحصول على وظائف في مجال الرعاية الصحية باستخدام وثائق مزورة.
وعلى الرغم من المخاطر الواضحة، فإن الرقابة لا تزال غير كافية. فقد شهد قطاع وكالات التوظيف الصحي زيادة هائلة في السنوات الأخيرة، حيث يوجد المئات منها تعمل على مستوى البلاد، وتدير تمويلًا صحيًا يُقدّر بحوالي 3 مليارات يورو سنويًا، دون وجود هيئة متخصصة لتنظيم عمل هذه الوكالات.
التحقيق والملاحقة القانونية
تم وضع وكالة Samen-Zorgzaam تحت المجهر بعد تلقي IGJ عدة شكاوى ضدها. وبالتعاون مع مفتشية العمل، والشرطة، وبلدية أوتريخت، والنيابة العامة، أطلقت السلطات تحقيقًا معمقًا أدى إلى اكتشاف العشرات من التعيينات المزورة.
ورغم الكشف عن أكثر من 60 عاملاً غير مؤهل، إلا أن 15 منهم فقط يواجهون اتهامات جنائية بسبب استخدام شهادات مزورة. أما البقية، الذين لم يكن لديهم أي مؤهلات طبية رسمية ولكن لم يتم العثور على وثائق مزورة لديهم، فمن غير المرجح أن يواجهوا المحاكمة.
ويعتبر دن إكستر هذه ثغرة قانونية خطيرة، قائلاً:
“الكذب بشأن المؤهلات غير أخلاقي، ولكن إذا لم تكن هناك أدلة على ممارسة طبية غير قانونية، فإن الملاحقة القضائية تصبح صعبة. الحل الوحيد هو تشديد الرقابة من قبل مؤسسات الرعاية الصحية وهيئة IGJ.”
إعادة فتح وكالة توظيف جديدة رغم التحقيقات
كشفت سجلات التسجيل التجاري التي راجعتها RTL Nieuws أن المالكين الثلاثة لوكالة Samen-Zorgzaam قاموا مؤخرًا بتأسيس وكالة توظيف جديدة تحت اسم Talenzo. وعند استجوابه، نفى أحد المالكين معرفته بالتحقيق الجنائي المستمر، قائلاً:
“نحن نعمل وفقًا للقوانين، ولم تُبلغنا أي جهة رسمية بوجود مخالفات.”
وفيما يتعلق بالمؤسسات الصحية التي تعاملت مع Samen-Zorgzaam، أكدت ثلاث منها أنها أنهت عقودها مع الوكالة، فيما لا تزال Zozijn، التي تقدم خدمات رعاية لذوي الإعاقة، تحتفظ بعقدها معها، مبررة ذلك بقولها:
“لم يكن جميع المتعاقدين المستقلين متورطين في الاحتيال. نحن الآن نتحقق داخليًا من جميع الشهادات.”
+ There are no comments
Add yours