معركة الميزانية في هولندا… صراعات سياسية وعقبات كبرى تهدد الائتلاف

تنتهي العطلة السياسية في لاهاي غدًا، مما يعني أن الائتلاف الحاكم يجب أن يبدأ فعليًا في العمل على المذكرة المالية الربيعية، الوثيقة التي تتيح للأحزاب تعديل الميزانية لهذا العام. لكن المهمة معقدة، فهناك قائمة طويلة من القضايا الخلافية التي تحتاج إلى حل.

عجز ضريبة القيمة المضافة (Btw-gat)

أجبرت أحزاب المعارضة العام الماضي الحكومة على إلغاء الزيادة في ضريبة القيمة المضافة على المسارح والمتاحف والكتب والرياضة، مما خلق فجوة مالية قدرها 1.2 مليار يورو.

كان من المفترض تعويض هذا العجز من خلال زيادة أخرى في ضريبة القيمة المضافة، مثل اقتراح رفع أعلى معدل للضريبة من 21% إلى 21.4%، لكن جميع المقترحات المماثلة قوبلت بمقاومة شديدة، مما يجعل من الصعب تحقيق ذلك.

إذا لم تجد الحكومة حلاً، فسيكون عليها إما خفض الإنفاق في قطاعات أخرى أو كسر وعدها للمعارضة، مما قد يزيد التوترات السياسية.

أهداف المناخ وشبكة الكهرباء

لتحقيق الأهداف المناخية، يجب على الحكومة اتخاذ تدابير جديدة، والتي غالبًا ما تتطلب إنفاقًا ماليًا إضافيًا. لكن الائتلاف ليس متفقًا بالكامل على هذا الأمر؛ فبينما ينص البرنامج الحكومي على تحقيق الأهداف المناخية، فإن حزب الحرية (PVV) وحزب المزارعين (BBB) أقل حماسًا لهذا التوجه.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه شبكة الكهرباء المزدحمة تحديات كبرى، حيث تحتاج إلى استثمارات بمليارات اليوروهات لتظل قادرة على تلبية الطلب المستقبلي.

أزمة النيتروجين (Stikstof)

من المتوقع أن تقدم اللجنة الوزارية المختصة الشهر المقبل خطة جديدة لحل أزمة النيتروجين. من المحتمل أن تحتاج هذه الخطة إلى تمويل يفوق الـ5 مليارات يورو التي تم تخصيصها في الاتفاق السابق.

تشهد المواقف السياسية تغيرات أيضًا؛ فحزب BBB، الذي كان قد رفض سابقًا تخصيص أموال لحل أزمة النيتروجين في قطاع الزراعة، أصبح الآن يطالب بتمويل إضافي للاستدامة ودعم المزارعين. ومن أجل ذلك، ينظر الحزب إلى صندوق المناخ الذي تديره وزيرة البيئة، حيث يتم تخصيص الأموال حاليًا لمشاريع مثل محطات الطاقة النووية.

ميزانية الدفاع

بدأت هولندا مؤخرًا فقط بالالتزام بمعيار حلف الناتو الذي يفرض إنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع. ومع تصاعد التوترات بسبب الحرب في أوكرانيا، يزداد الضغط الدولي لرفع هذا المعدل إلى أكثر من 3%.

لكن رفع الميزانية الدفاعية بنسبة 1% إضافية يعني ضرورة توفير حوالي 11 مليار يورو من مصادر أخرى، وهو أمر يثير انقسامات داخل الائتلاف. ومن المتوقع اتخاذ قرار نهائي بعد قمة الناتو في لاهاي في يونيو المقبل.

ضريبة الادخار (Spaartaks)

تواجه الحكومة مشكلة مع ضريبة الادخار، حيث قضت المحكمة أكثر من مرة بعدم قانونية الطريقة التي يتم بها فرض الضرائب على المدخرات والاستثمارات. وتسعى وزارة المالية إلى إعادة حساب هذه الضريبة، ولكن التغيير سيستغرق وقتًا أطول من المتوقع.

بسبب التأخير، ستخسر الحكومة حوالي 2 مليار يورو سنويًا اعتبارًا من عام 2027، مما يعني أنها بحاجة إلى إيجاد إيرادات بديلة أو فرض تخفيضات إضافية في الميزانية.

خلافات أخرى حول الميزانية

بالإضافة إلى القضايا الكبرى، لكل حزب من أحزاب الائتلاف مطالبه الخاصة في المذكرة المالية الربيعية، مما يعقّد المفاوضات. هناك خلاف حاد حول مصادر التمويل، حيث ينص الاتفاق الحكومي على أن تقديرات المكتب المركزي للتخطيط (Centraal Planbureau) ستكون المعيار الأساسي، وأن أي عجز يجب تعويضه بتخفيض الإنفاق أولًا.

إلا أن حزب NSC يشكك الآن في هذه التقديرات، معتبرًا أنها لا تعكس الواقع بدقة، وقد يبقى في نهاية العام فائض مالي غير متوقع. ولذلك، يسعى NSC، بدعم من BBB، إلى تخفيف القواعد الصارمة للميزانية.

المفاوضات الحاسمة قادمة

ستناقش الحكومة أول نسخة من المذكرة المالية الربيعية خلال اجتماع مجلس الوزراء في الشهر المقبل. وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، فقد يتم تأجيل القضايا الأكثر تعقيدًا إلى “يوم الميزانية” (Prinsjesdag) في سبتمبر.

Please follow and like us:

+ There are no comments

Add yours