في حلقة جديدة من بودكاست “ماذا بعد؟”، تناول الدكتور أبو بكر باذيب قراءة سياسية معمقة للمشهد الهولندي، خاصة بعد استقالة السياسي المعروف بيتر أومزخت، متوقفاً عند تداعياتها على الحكومة الائتلافية الحالية، وتقاطعاتها مع ما يصفه بـ”الدولة العميقة”.
كما عرّج على قضايا اللجوء، وخاصة اللجوء اليمني، مؤكداً أن اليمن لم يعد بلدًا آمناً، وبالتالي فإن اللجوء منه أصبح “حقاً إنسانياً”.
استقالة بيتر أومزخت: مؤشر وليس مفاجأة
يرى الدكتور باذيب أن استقالة بيتر أومزخت، مؤسس حزب العقد الاجتماعي، لم تكن مفاجئة في سياق التطورات السياسية الأخيرة.
أومزخت كان ناشطاً سياسياً مؤثراً، سبق له الانتماء إلى حزب الاتحاد المسيحي (CDA)، قبل أن يؤسس حزبه الجديد الذي حقق 20 مقعداً في الانتخابات الماضية.
لكن الحزب، وفق تحليل الدكتور، لم يصمد أمام التحديات؛ إذ شهد سلسلة من الاستقالات الوزارية، وانعدام الانسجام مع مكونات الحكومة، مما أوصل أومزخت إلى قناعة بأن الخروج من المشهد السياسي أفضل لحفظ ما تبقى من تاريخه.
أزمة أحزاب الائتلاف
في تحليله لبنية الحكومة الحالية، أوضح الدكتور باذيب أن الائتلاف القائم يضم أربعة أحزاب، كل منها يعاني من مشاكل بنيوية داخلية:
- حزب خيرت فيلدرز: يوصف بأنه حزب الشخص الواحد، يتسم بالتطرف الفكري وانعدام التجانس.
- حزب أومزخت: يعيش خلافات داخلية تهدد وجوده في الحياة السياسية.
- BBB: حزب فلاحي محدود التأثير، يُستخدم غالبًا لاستكمال التوازن العددي في البرلمان.
- VVD (حزب روته): يتمتع ببنية أيديولوجية وتنظيمية مستقرة، ويظل الأكثر نضجاً من بين الأحزاب الأربعة.
ويؤكد الدكتور أن هذه التركيبة لا تبشر باستقرار سياسي، بل تعكس حالة من التوتر المستمر، تعززها محاولات الدولة العميقة لدعم الحكومة وتمديد عمرها السياسي.
الحكومة بلا قرارات جوهرية
رغم مرور أكثر من عام على تشكيل الحكومة، يرى الدكتور باذيب أنها لم تتخذ قرارات حقيقية، لا سيما فيما يتعلق بملفات اللاجئين.
مثال على ذلك: قرار “تجميد ملفات السوريين” و”موقف الحكومة من اللاجئين اليمنيين”، حيث اتُخذت قرارات وتوصيات، لكنها لم تُترجم إلى قوانين ملزمة. ومع ذلك، نجحت الحكومة في خلق حالة ضغط نفسي واجتماعي في أوساط اللاجئين، خاصة الجدد منهم.
اليمن.. وطن غير آمن
أكد الدكتور باذيب أن اليمن اليوم لا يوجد فيه شبر آمن، مشدداً على أحقية اليمنيين بالحصول على اللجوء.
واعتبر أن ميليشيا الحوثي هي السبب الرئيسي في تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية، إذ جلبت الموت والفوضى، وانتهكت السيادة، وقتلت الآلاف من المدنيين.
ويستنكر الدكتور محاولات بعض الأصوات التبرير للحوثيين، معتبراً أنهم ليسوا رجال دولة بل رجال عصابات، استفادوا من دعم خارجي، وراكموا الثروات دون التفكير في بناء دولة أو خدمة شعب.
الغرب والحوثي: مصالح متغيرة
وفي قراءة للعلاقة الغربية مع الحوثيين، أشار باذيب إلى أن الغرب – وخاصة الولايات المتحدة – تعامل مع الحوثي حسب مصلحته، فدعمهم في البداية حين خدموا أهدافًا إقليمية، ثم انقلب عليهم عندما أصبحت تهديداتهم تمس مصالحه المباشرة.
ورغم تغير المواقف، إلا أن الضحية في كل الأحوال هو المواطن اليمني البسيط.
اليمني لاجئ يستحق الحماية
اختتم الدكتور أبو بكر باذيب حلقته بتوجيه تحية لكل اليمنيين في هولندا الذين يبذلون جهوداً إعلامية وقانونية وسياسية لتوضيح الصورة الحقيقية للواقع اليمني أمام المجتمع الهولندي. وشكر كل من شارك في المظاهرات، والمتابعات القضائية، والتواصل الإعلامي لنقل مأساة اليمنيين.
وأكد أن العالم، لا سيما في أوروبا، يجب أن ينظر لليمني كـ لاجئ يستحق الحماية الإنسانية، طالما بقيت الميليشيات المسلحة تسيطر على اليمن.
+ There are no comments
Add yours