بقلم: روبن إيغ – محرر الاقتصاد
“العمل يجب أن يُجدي نفعاً”، كان ذلك من أبرز وعود الحكومة الهولندية مع بداية فترة حكمها. لكن بعد مرور نصف عام فقط، تبدو الصورة مغايرة تماماً.
إذ تبيّن من مذكرة الربيع التي نُشرت أن الحكومة لن تعوّض في العام المقبل كامل ضريبة الدخل المرتبطة بارتفاع التضخم. ويصف خبراء اقتصاديون وأساتذة جامعيون هذه الخطوة بأنها “خدعة لرفع الضرائب من دون الإعلان عنها صراحة”.
كانت الحكومة تسعى بشكل حثيث لإيجاد طريقة للتراجع عن قرار رفع ضريبة القيمة المضافة (BTW) على الثقافة والإعلام والرياضة، وهي الخطة التي أُعلنت في اتفاق تشكيل الحكومة في سبتمبر. حيث رفض مجلس النواب بأغلبيته هذه الخطوة خوفاً من أن تصبح الرياضة أو قراءة الصحف باهظة التكاليف بالنسبة لشرائح واسعة من المواطنين.
لكن اتضح الآن أن مبلغ الـ1.3 مليار يورو اللازم للإبقاء على معدل الضريبة المخفض البالغ 9% سيتم تحصيله من العاملين. وكما أوضح فينتزينز زيسيمر، مدير معهد الاقتصاد العام:
“إذا لم يتم تعديل شرائح الضرائب وفقاً للتضخم، فإن جزءاً كبيراً من الدخل سينتقل تلقائياً إلى شريحة ضريبية أعلى. وقد لا يتأثر أصحاب الدخول المنخفضة كثيراً، لكن كل من يقع ضمن الشريحة الثانية أو أعلى سيشعر بذلك حتمًا.”
“خدعة كبيرة”
أستاذ الاقتصاد أرنود بوت من جامعة أمستردام وصفها بـ”الخدعة الكبيرة”. وأضاف:
“لو كانت هناك زيادة ضريبية معلنة، لامتلأ ميدان مالفيلد (في لاهاي) بالمتظاهرين. لكن هذه الخدعة تمر دون أن يلاحظها أحد، ومع ذلك تُدرّ على الدولة 1.3 مليار يورو بسهولة.”
ووفقاً لمذكرة الربيع، فإن الحكومة تعتمد على هذه الإيرادات حتى نهاية فترة حكمها الحالية، ما يُعد، بحسب الاقتصاديين، تناقضاً مع تعهد الحكومة بالحفاظ على “استقرار العبء الضريبي على الأسر”. كما يقول زيسيمر:
“كانت النية الأصلية هي مكافحة التحايلات الضريبية، لكن هذا تم استبداله الآن بزيادة ضريبية خفية.”
وأشار الخبراء إلى أن هذه الحيلة ليست جديدة، ففي مذكرة الربيع الصادرة عن حكومة روتّه الرابعة، تم تقليص ما يُعرف بـ”عامل التصحيح في الجداول الضريبية” للمساهمة في تمويل زيادات مثل علاوة الأطفال.
“ضريبة خفية أصبحت هي القاعدة”
أعرب الخبراء عن قلقهم من تكرار استخدام هذه الأداة لسد العجز في الموازنة. وقال زيسيمر:
“إنها ضريبة خفية بدأت تصبح القاعدة بدلاً من الاستثناء.”
“لعب بالأموال المحجوزة”
كما عبّر الأستاذ بوت عن قلقه من استخدام الأموال المخصصة مسبقاً لمشاريع طويلة الأجل، في سبيل كسب رضا الناخبين على المدى القصير. وأوضح:
“إذا أردت تحريك البنود المالية، فاستخدمها للاستثمار في النمو الاقتصادي. ما نراه في مذكرة الربيع هو فقط إعادة توزيع بنود من أجل الاستهلاك الفوري.”
وضرب مثالاً على ذلك بتحويل ميزانية كانت مخصصة لمشروع خط السكك الحديدية “ليليلاين” بين غرونينغن وأمستردام إلى مشروع خط “نيدرساكسنلاين” بين غرونينغن وإنسخيده:
“كان الهدف من خط ليليلاين تخفيف الضغط عن منطقة راندستاد وتحفيز الاقتصاد. أما المشروع الجديد، فلا يُعرف بعد ما إذا كان سيُحقق أثرًا اقتصادياً يُذكر.”
واختتم حديثه بالتحذير من قرار الحكومة بتجميد رواتب موظفي القطاع العام، قائلاً:
“ينبغي توخي الحذر الشديد هنا، فالحكومة، شأنها شأن القطاع الخاص، مضطرة للمنافسة في سوق العمل المحدود.”
+ There are no comments
Add yours