مجلس الصحة والمجتمع: الصحة النفسية في هولندا تحت ضغط متزايد بسبب “مجتمع مفرط التوتر”


حذّر مجلس الصحة والمجتمع الهولندي (RVS) من أن الهولنديين يعيشون اليوم في ما وصفه بـ”مجتمع مفرط التوتر”، يتسم بسرعة الإيقاع والضغوط المتزايدة على الأفراد لتحقيق الأداء الأمثل والاعتماد على الذات، ما يشكّل تهديدًا جديًا للصحة النفسية لكبار السن والشباب على حد سواء

وذكر المجلس في تقريره أن الحياة اليومية أصبحت تفرض استجابات فورية، سواء في العمل أو التواصل، حتى صار من الطبيعي أن يُتوقَّع من الشخص الرد على الرسائل خلال دقائق، أو تسلّم الطرود خلال يوم واحد فقط من الطلب. هذه الوتيرة السريعة، بحسب التقرير، أدت إلى ارتفاع معدلات الاحتراق الوظيفي (burn-out) بين العاملين، وتزايد مشاعر الضغط بين الشباب، فيما يعاني نحو نصف البالغين من مشاكل نفسية في مرحلة ما من حياتهم. وتُقدّر تكلفة هذه المشاكل النفسية على المجتمع بنحو 18 مليار يورو سنويًا.

وقالت رئيسة المجلس، جيت بوسميكر (Jet Bussemaker)، إن الحلول الحالية تركز بشكل مفرط على الأفراد، من خلال الدورات التدريبية أو كتب المساعدة الذاتية، بينما المشكلة أعمق من ذلك. وأضافت: “بمجرد أن نلقي عبء الحل على الفرد وحده، فإننا نغفل أن مصدر الضغط هو بنية المجتمع نفسه.”

ودعا التقرير إلى تحوّل ثقافي شامل يهدف إلى إعادة الهدوء إلى وتيرة الحياة، عبر ما سماه المجلس بـ”الإبطاء اليومي” (everyday deceleration)، أي تخصيص أوقات فراغ خالية من الالتزامات المهنية أو الدراسية أو الاجتماعية. وأكد أن هذا الوقت “يفتح المجال للإبداع، والتفكير، والتواصل الإنساني الحقيقي”.

كما أوصى المجلس بتقليل الأعباء الإدارية عن الموظفين، وتحسين التوازن بين العمل والحياة الشخصية، ومنح الأفراد الحق في عدم الرد على الاتصالات أو الرسائل خارج أوقات العمل، على غرار ما طُبق مؤخرًا في فرنسا وأستراليا.

وختم المجلس تقريره بالقول: “جلب الهدوء إلى المجتمع ليس رفاهية، بل ضرورة ملحة. وحدها الجهود المشتركة يمكن أن تعيد للصحة النفسية توازنها المفقود.”

Please follow and like us:

+ There are no comments

Add yours