العرس الانتخابي في الدول الديمقراطية يمثل لحظة تجديد وإعادة تشكيل لموازين القوى السياسية، ويعكس نضج الحياة الحزبية ومدى احترامها لمبادئها.
في هولندا، تُظهر الأحداث الأخيرة مثل سقوط حكومة مارك روتّه وحكومة ديك شوخوف أن ثبات المبادئ الحزبية وسيادة القانون هما الأساس في الحكم الرشيد.
المشهد السياسي الهولندي اليوم يشهد تحولات واضحة داخل معسكر اليمين، حيث يتراجع نفوذ حزب PVV لصالح أحزاب يمينية أخرى أكثر اعتدالاً.
العرس الانتخابي هو حالة من الانفراج في الدول الديمقراطية، إذ يُعد هذا اليوم محورياً لأنه يعيد تشكيل مراكز القوى السياسية ومنظومة الحكم في الدولة.
وربما لا نعرف عنه الكثير لأن تجربتنا مختلفة، أو لأننا مارسنا هذا الحق دون أن نلمس أثره الحقيقي.
اليوم نعيش في بلد تمثل الديمقراطية ركزته الأولى، نسمع ونرى الحراك الانتخابي والتنافس بين الأحزاب في دولة تحترم مبادئها الحزبية.
ما زلنا نتذكر موقف حزب D66 من حكومة مارك روتّه الأخيرة حين قدّمت الحكومة مقترحات تتعارض مع مبادئ الحزب، مما دفعه إلى سحب الثقة منها.
كما سقطت حكومة ديك شوخوف (Schoof) مؤخراً بعد محاولتها تمرير قوانين تتعارض مع مبدأ دولة القانون.
ندرك أن مبادئ الأحزاب وسيادة القانون هما المظلتان الجامعتان للحكم الرشيد، وتحت هذه المظلة يتساوى الجميع في المشاركة والانخراط في هذا العرس الديمقراطي لإيصال صوتهم وتوجهاتهم.
أما من يعزف عن المشاركة، فلا يحق له التذمر إن لم تأتِ الأيام بما يريد.
يدرك المراقبون أن زيادة أنصار حزب PVV كانت نتيجة وعوده برفع الدعم وإلغاء الحد الأدنى للتأمين الصحي، لكنه فشل في تحقيق تلك الوعود.
رغم ذلك، ظلّ جزء من مناصريه متمسكين به، بينما انتقل آخرون إلى أحزاب يمينية أخرى، مما يؤكد أن قضية الهجرة لا تزال تمثل هاجساً لنحو 30–40% من الشعب الهولندي.
تشير الأرقام إلى أن نسبة المقاعد لدى أحزاب اليمين في ازدياد مقارنة بالسابق؛ فالمقاعد التي كانت بالأمس لدى PVV أصبحت اليوم لدى أحزاب أخرى مثل JA21 وFvD.
و مع هذا يعيش حزب PVV حالياً عزلة سياسية، ودوره محدود بين الأحزاب. وإن قبلت بعض الأحزاب التعاون معه، فلن يكون دوره محورياً، ولن يستطيع فرض رغباته أو الانسحاب عند أول خلاف كما فعل سابقاً.
إن التوازن السياسي اليوم ضروري لخلق روح التعايش والانسجام العام، وفق نسب تمنح صورة شاملة للمجتمع.
وقد يكون المهاجر الخيط الأضعف في هذا النسيج، لكنه يظلّ عنصراً جوهرياً إن كان له دور فعّال ومؤثر في الحياة العامة و المشاركة بهذه الانتخابات و منح صوته لمن يمثله.


+ There are no comments
Add yours