مجلس الدولة يفجّر مفاجأة قانونية: إلغاء الإقامة الدائمة للاجئين “خيار سياسي لا إلزام أوروبي”

في صفعة غير متوقعة لسياسة الحكومة الهولندية، أكد مجلس الدولة (Raad van State) في رأي قانوني رسمي أن خطة إلغاء تصريح الإقامة الدائمة للاجئين ليست مطلباً أوروبياً، بل اختيار وطني خالص، داعياً إلى إعادة النظر في الأسس القانونية والسياسية التي تقف وراءها.


نُشر اليوم على موقع مجلس الدولة التقييم الاستشاري لمشروع قانون “تنفيذ وتطبيق ميثاق اللجوء والهجرة 2026”، والذي تم اعتماده في 22 أكتوبر 2025.
ويهدف المشروع إلى مواءمة القوانين الهولندية مع الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء المقرر دخوله حيّز التنفيذ في يونيو 2026، ويتضمن تعديلات جوهرية على قانون الأجانب لعام 2000، أبرزها إلغاء تصريح الإقامة الدائمة واستبداله بإقامات مؤقتة متجددة.

أوضح المجلس أن الحكومة تبني قرارها على تفسير غير دقيق للوائح الأوروبية، إذ تزعم أن الميثاق الأوروبي يُلزم بإنهاء الحماية الدولية بمجرد زوال أسبابها.
لكن المجلس شدد على أن “التشريعات الأوروبية لا تمنع منح الإقامة الدائمة”، وأنها تمنح الدول الأعضاء مرونة في تحديد مدة وتصنيف تصاريح الإقامة.

وأشار التقرير إلى أن الحق في الإقامة يرتبط بوثيقة الإقامة نفسها، وليس بقرار إداري مؤقت، مؤكداً أن الاختيار بين الإقامة المؤقتة أو الدائمة هو قرار سياسي وطني، لا التزام أوروبي.

وحذر مجلس الدولة من أن إلغاء الإقامة الدائمة سيؤدي إلى زيادة الضغط على دائرة الهجرة والتجنيس (IND) وارتفاع كبير في الطعون القضائية، إذ سيُجبر آلاف اللاجئين على البحث عن مسارات بديلة مثل وضع المقيم طويل الأمد في الاتحاد الأوروبي (EU-langdurig ingezetene).

كما نبه إلى أن تطبيق النظام الجديد دون فترة انتقالية واضحة سيُربك العمل الإداري ويُضعف مبدأ اليقين القانوني والمعاملة المتساوية.

انتقد المجلس نية الحكومة تطبيق القانون بأثر فوري على جميع الملفات الجارية، محذراً من أن ذلك قد يمس الحقوق المكتسبة لطالبي اللجوء الحاليين.
وأوضح أن الميثاق الأوروبي نفسه يمنح الدول مهلة انتقالية لتكييف أنظمتها، ما يجعل السريان الفوري خياراً سياسياً وليس شرطاً أوروبياً.

وطالب مجلس الدولة الحكومة بتقديم مبررات موضوعية ومكتوبة توضح الأسباب الفعلية وراء رغبتها في إلغاء الإقامة الدائمة، بعد أن ثبت أن المبرر الأوروبي لا يستند إلى أساس قانوني واضح.
وشدد على ضرورة تحديد دقيق لصلاحيات الحكومة في اللوائح التنفيذية، لتفادي تجاوز السلطة التشريعية عند تطبيق الميثاق.

يأتي هذا التقرير في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الموجهة لسياسة الهجرة الهولندية، خاصة بعد أن صادق البرلمان في يوليو 2025 على قوانين اللجوء الصارمة التي تضمنت تشديد شروط لمّ الشمل وتقليص مدد الإقامة.
ويُتوقع أن يشكل هذا الرأي الاستشاري نقطة تحول في النقاش السياسي، إذ يعيد التوازن بين التزامات هولندا الأوروبية وموقفها الوطني من سياسة اللجوء، قبل أشهر فقط من دخول الميثاق الأوروبي حيز التنفيذ في يونيو 2026.

مجلس الدولة لم يعترض على الميثاق الأوروبي نفسه، بل على تفسير الحكومة له وتطبيقه المفرط، مؤكداً أن الإلغاء الكامل للإقامة الدائمة ليس إلزاماً أوروبياً بل خياراً سياسياً تتحمل الحكومة تبعاته القانونية والإنسانية.

Please follow and like us:

+ There are no comments

Add yours