الاستخبارات الهولندية: تصاعد تهديد العنف اليميني المتطرف بعد أحداث لاهاي

حذّرت أجهزة الاستخبارات الهولندية مرارًا من تصاعد التهديدات المرتبطة باليمين المتطرف، وهو ما أكّدته أحداث العنف التي شهدتها مدينة لاهاي السبت الماضي، حيث ردد المشاركون شعارات نازية مثل “سيغ هايل”، ولوّحوا بأعلام NSB (الحزب النازي الهولندي السابق)، وأشعلوا النار في سيارات الشرطة.

تحذيرات متكررة

وفقًا لتقارير جهاز الاستخبارات والأمن العام (AIVD) والمنسق الوطني لمكافحة الإرهاب والأمن (NCTV)، فإن التطرف والعنف من هذه الفئة لم يكن مفاجئًا. فقد حذّرت الأجهزة مرارًا في السنوات الأخيرة من التهديد المتنامي، خاصة بسبب الراديكالية السريعة عبر الإنترنت، ولا سيما بين فئة الشباب.

تقرير NCTV في يونيو الماضي عبّر عن “قلق بالغ ومستمر” من شبكات يمينية متطرفة عبر الإنترنت، حيث تنتشر رسائل متطرفة وتُنسّق دعوات للعنف. مؤسسة Justice for Prosperity Foundation، المتخصصة في مراقبة الحركات المتطرفة، رصدت بالفعل في يوليو خططًا لأعمال عنف ظهرت في مجموعات دردشة.

كيف يتم استقطاب الشباب؟

تشير التقارير إلى أن محتوى “الحدود الرمادية” (borderline content) على منصات مثل تيك توك وإنستغرام يلعب دورًا مهمًا في جذب الشباب. عبر مقاطع فيديو مشفّرة بالرموز والشعارات، يُوجّه هؤلاء إلى غرف دردشة على منصات أقل تنظيمًا مثل تلغرام، 4chan، Gab، وDiscord، حيث يتم تبادل محتوى شديد العنف.

وتحذّر NCTV من أن هذه العملية قد تؤدي إلى راديكالية سريعة وانخراط بعض الأفراد في أعمال عنف إرهابية، خاصة أن كثيرًا من هؤلاء يعانون من مشاكل نفسية.

الفكر اليميني المتطرف

يرتكز الفكر اليميني المتطرف على حلم إنشاء “دولة إثنية بيضاء”، عبر ترحيل ملايين البشر على أساس العرق أو الدين أو الميول أو المواقف. ويُروّج أنصار هذا التيار لما يسمونه “إعادة الهجرة” (remigratie).
كما تنتشر بينهم نظرية “الاستبدال السكاني” (omvolking), وهي نظرية مؤامرة عنصرية تزعم أن “النخبة” تسعى لإضعاف العرق الأبيض عبر الهجرة الجماعية، مع ربط ذلك بحقوق النساء وLGBTQ والإجهاض بوصفها تهديدًا لزيادة السكان.

“تطبيع” خطاب الكراهية

تتحدث الاستخبارات عن أساليب تطبيع الخطاب المتطرف، مثل:

لصق ملصقات تحمل رموزًا متطرفة في الشوارع.

نشر ميمز ساخرة تتضمن رسائل كراهية.

استخدام مصطلحات متطرفة (مثل “الاستبدال السكاني”) في النقاش السياسي وكأنها آراء عادية.

وبحسب الباحث ييله بوستما من مؤسسة Justice for Prosperity، فإن بعض الساسة من أحزاب يمينية ويسارية متطرفة ساهموا في تغذية الاستقطاب بدل كبحه.

من الماضي إلى الحاضر

بحسب NCTV، كان العنف اليميني المتطرف في هولندا بعد الحرب العالمية الثانية وحتى السبعينات “حادثًا عرضيًا”. لكن منذ التسعينات، ومع وضوح أن هولندا أصبحت بلد هجرة، استهدف العنف فئات مختلفة:

في الستينات والسبعينات: عمال مهاجرون من إيطاليا وإسبانيا، ثم المغرب وتركيا.

منذ التسعينات: طالبي اللجوء والمسلمين، فيما بقي اليهود هدفًا ثابتًا.

غضب متعدد المصادر

منذ أزمة اللاجئين في 2015، تزايدت الأنشطة اليمينية المتطرفة بشكل ملحوظ، وشملت هجمات على مساجد مثل الهجوم بالقنابل الحارقة على مسجد في إنشخيده، وعرقلة اجتماعات حول استقبال اللاجئين، وتنظيم “دوريات مدنية”.

كما ارتبطت هذه الأنشطة باحتجاجات خارج الإطار اليميني التقليدي، مثل مظاهرات كورونا، حيث اجتمع خطاب المؤامرة عن “الاستبدال السكاني” مع الشكوك تجاه الحكومة.

بوستما أوضح أن أعمال الشغب الأخيرة في لاهاي جمعت خليطًا من مجموعات مختلفة: “رأينا في ماليفيلد بعض نفس الأشخاص الذين ظهروا في أعمال الشغب أثناء جائحة كورونا. رسائل التحريض تراوحت بين اتهام اللاجئين بالاعتداء، والحديث عن أزمة السكن، وصولًا إلى شعارات معادية للحكومة.”

Please follow and like us:

+ There are no comments

Add yours