بقلم_ زكريا كرش _ هولند
بعد مرور أيام على صدور قرار المحكمة الإدارية العليا الهولندية، لا تزال مصلحة الهجرة (IND) تلتزم الصمت، دون أي إعلان رسمي بشأن كيفية التعامل مع الحكم القضائي الذي أُلزم فيه وزير اللجوء والهجرة بإعادة تقييم الوضع الأمني العام في اليمن.
القرار الذي صدر في 16 يوليو 2025، جاء بعد أن رُفض طلب لجوء تقدم به شاب يمني، واعتبرت المحكمة حينها أن الرفض لم يستند إلى مبررات موضوعية كافية، خاصة في ظل التدهور الخطير للوضع الإنساني والأمني في اليمن.
لماذا قرار المحكمة مفصلي؟
الحكم القضائي لم يكن إجراءً روتينيًا، بل توبيخًا صريحًا للنهج الذي تتبعه IND في تقييم طلبات اللجوء اليمنية. فقد أشارت المحكمة إلى تجاهل عناصر أساسية، من أبرزها:
انتشار الألغام ومخلفات الحرب
ازدياد أعداد النازحين
تدهور الأوضاع الأمنية، حتى في مناطق يُفترض أنها “آمنة نسبيًا”
عرقلة مستمرة لوصول المساعدات الإنسانية
كل هذه العوامل دفعت المحكمة إلى الاعتراف الضمني بأن اليمن بات في وضع قد يُصنف تحت المادة 15c من توجيه اللجوء الأوروبي، والتي تتيح منح الحماية حتى دون الحاجة إلى إثبات خطر فردي مباشر.
IND في مأزق قانوني مفتوح
من خلال متابعتي الدقيقة لهذا الملف، يمكنني القول بثقة إن IND تواجه الآن موقفًا قانونيًا شديد التعقيد.
تجاهل تنفيذ الحكم أو المماطلة فيه قد يفتح الباب أمام سلسلة طعون جديدة من اللاجئين اليمنيين، ما سيكلف المؤسسة ليس فقط خسائر قانونية متتالية، بل أيضًا تعويضات مالية محتملة بسبب التأخير أو التعسف في التطبيق.
وحتى لو قررت IND “التحايل الإداري” على الحكم من خلال إعادة تقييم صوري للوضع، فإن المحاكم ستكون بالمرصاد، لأن روح القرار واضحة: الوضع العام وحده قد يُبرر الحماية، بصرف النظر عن التفاصيل الفردية.
ببساطة: المعركة القانونية انتهت عمليًا، ولم يبقَ سوى الاعتراف الرسمي بها.
ماذا يعني ذلك لليمنيين في هولندا؟
بالنسبة لليمنيين الذين ما زالوا بانتظار المقابلات أو يواجهون رفضًا أوليًا، فهذا التطور قد يشكل نقطة تحوّل. لكنه لا يعني أن الحماية أصبحت تلقائية.
لذا، أنصح دائمًا بعدم التراخي أو الاتكال على الظرف العام فقط. القصة الشخصية القوية والمبنية على حقائق واضحة تظل أساس كل ملف ناجح، إلى أن تُصدر IND تقييمًا جديدًا يُقر ضمنيًا بوجود “وضع 15c” في اليمن.
سؤال لم يُجَب عليه حتى الآن…
سؤال مشروع يطرحه كثير من اليمنيين اليوم:
إذا لم يكن تقرير وزارة الخارجية الهولندية الذي ينص صراحة على أن اليمن بلد غير آمن، ولا حكم المحكمة العليا نفسه، كافيين لإقناع IND بخطورة الوضع… فمن نُصدّق إذًا؟
وماذا تحتاج IND أكثر من ذلك لكي تمنح طالبي اللجوء اليمنيين حقهم الكامل في الحماية، دون مماطلة أو تعقيد؟
+ There are no comments
Add yours