لم تكن رحلة جمال بن خميس إلى هولندا عادية، ولم يكن وصوله إلى مراكز اللجوء سوى بداية فصل طويل من التأمل، والملاحظة، والتساؤل.
شاب يمني جاء إلى أوروبا باحثاً عن الاستقرار، فإذا به يجد نفسه على مفترق طرق: إما أن يكون مجرد رقم بين الآلاف الذين ينتظرون، أو أن يصنع من تجربته شيئاً يشبهه ويشبه الناس الذين حوله.
اختار الطريق الثاني.
جمال بن خميس، اليوم، هو واحد من أبرز صنّاع المحتوى العرب في هولندا. يتابعه أكثر من 217,000 شخص على منصات TikTok، إنستغرام، فيسبوك ويوتيوب. لكنه لا يعرّف نفسه كمجرد مؤثر رقمي، بل كصوت يحمل رسالة. محتواه لا يكتفي بتقديم مقاطع مرئية جذابة، بل يقدم طرحاً صادقاً وواقعياً يلامس اهتمامات الجاليات العربية والمسلمة في أوروبا، ويركز على وعي المستهلك، والغذاء، والاندماج، والهوية.
من أبرز ما يقدمه جمال سلسلة بعنوان “فلينظر الإنسان إلى طعامه”، وهي نافذة ذكية على عالم المكونات الغذائية التي تمر أمامنا يومياً دون انتباه.
يتناول فيها جمال المنتجات المتوفرة في المتاجر الأوروبية، يفكك رموزها، يشرح مكوناتها، ويكشف ما قد لا يكون واضحاً للمستهلك العادي، يركز على المنتجات التي تهم الجاليات المسلمة، ويتحدث عن الحلال والبدائل المتوفرة، ويطرح تساؤلات حول أخلاقيات الاستهلاك.
أسلوبه هادئ، لغته بسيطة، لكنه لا يتنازل عن العمق، لا يهوّل ولا يخيف، بل يدعو للتفكير، ويشجع الناس على القراءة والانتباه لما يدخل أجسادهم.
يقول جمال: “الهدف ليس أن أخوّف الناس من الأكل، بل أن أساعدهم يفهموا ما يأكلونه. كل ما أفعله هو أن أطرح المعلومة، والقرار عند المتابع.”
لم يتوقف تأثيره عند التغذية، بل امتد ليشمل موضوعات تمس حياة المهاجر العربي والمسلم في هولندا.
يتحدث عن الاندماج، عن الهوية، عن الحفاظ على الذات دون الانعزال، وعن الانفتاح دون الذوبان، ويشارك متابعيه لحظات من حياته اليومية، يعكس مواقف حقيقية، ويعبّر عما يشعر به كثيرون لكنهم لا يجدون الكلمات أو المنصات المناسبة.
اللافت في تجربة جمال أنه بنى تأثيره على الصدق لا على الصخب. لا يتصنع، ولا يبالغ، ولا يركض خلف الترند، بل ما يقدمه نابع من تجربة حقيقية، ومن إحساسه العميق بالمسؤولية تجاه الناس الذين يتابعونه ،وهؤلاء لا يرونه فقط كمنتج للمحتوى، بل كصديق وأخ وصوت يعرف ما يقول، ويشبههم.
تنهال عليه رسائل المتابعين من مختلف الأعمار والخلفيات، يسألونه عن منتجات، أو يشكرونه لأنهم تغيروا بعد أحد مقاطعه. البعض بدأ يقرأ المكونات لأول مرة، وآخرون وجدوا فيه نموذجاً لإعادة بناء الذات في أرض جديدة دون فقدان الأصل.
قصة جمال بن خميس ليست قصة شهرة عابرة، بل شهادة على أن اللجوء ليس نهاية، وأن المنفى يمكن أن يصبح منبراً إذا ما اقترن بالوعي والنية الطيبة والقدرة على الإصغاء لما لا يُقال.
جمال لم يكتف بأن ينجو، بل قرر أن ينير الطريق للآخرين — بهدوء، بثقة، وبصوت لا يصيح، بل يفكر.
وفي عالم مزدحم بالضجيج الرقمي، لعل هذا هو التأثير الحقيقي.
لمن يرغب في متابعة جمال بن خميس:
• TikTok: @jemiexpress
• Instagram: @jemiexpress
• Facebook: jemiXpress
• YouTube: @jemiexpress
في هولندا عربية، نؤمن أن لكل قصة صوتاً يستحق أن يُروى.
ومن خلال سلسلة “عرب مؤثرون في هولندا”، نسلط الضوء في كل مرة على شخصية عربية صنعت فارقاً في مجتمعها. لا نبحث عن الأرقام أو الشهرة، بل عن الوعي، التأثير، والصدق. في كل حلقة، نقترب من قصة، ونفتح نافذة جديدة على عالم عربي نابض بالحياة داخل هولندا.
ابقوا معنا في اللقاءات القادمة.


+ There are no comments
Add yours