مقالات رأي : د عيسى الشعري
امين عام الجالية اليمنية مملكة هولندا
في ظل الأجواء المشحونة التي تسبق الانتخابات المبكرة المقررة في 29 أكتوبر القادم، تعيش هولندا على وقع جدل سياسي حاد حول حزمة القوانين الجديدة المتعلقة بسياسات اللجوء، والتي يُتوقع أن تُعرض للتصويت خلال الأيام المقبلة. لكن المؤشرات السياسية الحالية توحي بأن فرص تمرير هذه القوانين تبقى محدودة جدًا، ما لم تحدث تحولات مفاجئة في اللحظات الأخيرة.
تتخذ هذه القوانين بعدًا انتخابيًا واضحًا، إذ تحاول عدة أحزاب استغلال ملف اللجوء كورقة سياسية لتعزيز موقعها قبيل الانتخابات، خاصة في ظل حكومة تصريف أعمال لا تمتلك هامشًا واسعًا للمناورة أو إصدار قرارات مصيرية دون توافق برلماني واضح.
الأحزاب بين التصعيد والاصطفاف
حزب PVV (حزب الحرية) يتصدر جبهة التشدد، حيث أعلن بوضوح أنه لن يصوت لصالح أي نص قانوني لا يضمن أقصى درجات الصرامة في التعامل مع طالبي اللجوء. هذا الموقف، وإن كان متوقعًا، يعكس سعي الحزب لكسب المزيد من الأصوات عبر الخطاب الأمني والقومي، وهو توجه يتزايد مع اقتراب موعد الاقتراع.
في المقابل، تتخذ أحزاب مثل D66، GroenLinks–PvdA، SP، DENK، PvdD، FVD، Volt موقفًا معارضًا صريحًا، رافضة ما تعتبره تسييسًا مفرطًا لقضية إنسانية، ومؤكدة تمسكها بالتزامات هولندا الدولية وقيمها الأساسية.
أما حزب CDA، فيظل في موقع غامض. عدم إعلان موقف واضح حتى الآن يضعه في خانة “المنطقة الرمادية”، لكن امتناعه عن التصويت أو تصويته بالرفض قد يكون كافيًا لإفشال المشروع، حتى دون الحاجة لتحالف معارض رسمي.
من جهة أخرى، تُبدي أحزاب مثل VVD، NSC، BBB، SGP، JA21 استعدادًا مبدئيًا لدعم القوانين، لكن دعمها ليس مضمونًا بالكامل، إذ تخضع لحسابات ضغط مرتبطة بمواقف الاتحاد الأوروبي والتوازنات الداخلية.
تصعيد رمزي أم سياسة حقيقية؟
في ظل هذا السياق، يرى مراقبون أن النقاش الدائر حول قوانين اللجوء الحالية لا يهدف فقط إلى إحداث تغيير تشريعي فعلي، بل هو أيضًا تصعيد رمزي يخدم مصالح انتخابية. فالأحزاب تستغل الجدل لكسب قواعدها الجماهيرية، خصوصًا في ظل تراجع ثقة الناخبين بالمؤسسات وتزايد القلق من أزمات السكن والدمج والهوية الوطنية.
السيناريوهات المقبلة
حتى في حال تمرير القوانين في مجلس النواب، فإن مصيرها لا يزال غير مضمون. فمجلس الشيوخ (الغرفة الأولى) يتمتع بتوازن سياسي مختلف، وقد يقف حاجزًا أمام التنفيذ. إضافة إلى ذلك، فإن مجلس الدولة والمحاكم يحتفظان بحق التدخل في حال وجود مخالفات دستورية أو تعارض مع الاتفاقيات الدولية.
خاتمة
تظل قوانين اللجوء الجديدة في هولندا رهينة التوازنات الانتخابية والمؤقتة. ففي ظل حكومة تصريف أعمال وبرلمان منقسم، يتحول ملف اللجوء إلى ساحة معركة انتخابية أكثر من كونه قضية تشريعية خالصة، مما يضع مستقبل السياسة الهولندية تجاه اللجوء أمام الكثير من علامات الاستفهام
+ There are no comments
Add yours