أعلنت وزيرة اللجوء والهجرة الهولندية، ماريوليين فابر، عن نيتها خفض التمويل المخصص للأنشطة الترفيهية لطالبي اللجوء، مما أثار موجة غضب واسعة من منظمات رعاية الأطفال والمدافعين عن حقوق اللاجئين، وفقًا لتقرير نشرته هيئة الإذاعة الهولندية NOS. وجاء هذا القرار عقب إلغاء رحلة ميدانية كانت مقررة لأطفال طالبي اللجوء القُصّر إلى مدينة الملاهي الشهيرة “إيفتلينغ”، والتي وصفتها الوزيرة بأنها “رفاهية غير ضرورية”.
وقالت فابر، عقب اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي يوم الجمعة: “سأجري تخفيضات حيثما أمكن”. وأكدت أنها تسعى لتقليص ميزانية هيئة استقبال طالبي اللجوء (COA) فيما يتعلق بهذه الأنشطة، وستبدأ محادثات مع الهيئة في أقرب وقت. وأوضحت أن أي رحلات ترفيهية مستقبلية يجب أن تُموّل حصريًا من ميزانية COA.
وكانت هيئة COA، التي تعمل بشكل مستقل رغم تبعيتها لوزارة فابر، قد خططت لتنظيم رحلة لما يقارب 60 طفلًا قاصرًا غير مصحوبين بذويهم من مركز اللجوء في بلدة سانت أناباروتشي، بمقاطعة فريزلاند. نصف هؤلاء الأطفال وصلوا إلى هولندا دون عائلاتهم. وكان من المقرر أن يقضوا يومًا في “إيفتلينغ” قبل أن يتم إلغاء الرحلة فجأة.
وقد عارضت فابر الرحلة علنًا الأسبوع الماضي، ووصفتها بأنها “استخدام غير مبرر للأموال العامة”. وكتبت على منصة “إكس”: “من غير المفهوم أن نرسل هؤلاء الشباب في رحلة فاخرة إلى إيفتلينغ على نفقة دافعي الضرائب”. وحتى بعد أن اقترحت COA تنظيم رحلة بديلة، أعربت الوزيرة مجددًا عن رفضها، قائلة: “هذا ليس منتجعًا سياحيًا. لا ينبغي أن تكون هولندا وجهة جذابة”.
ورغم اعتراضات الوزيرة، أعلنت COA يوم الجمعة أن الرحلة البديلة ستمضي قدمًا، مشيرة إلى أنها تحتفظ بصلاحياتها الإدارية رغم تمويلها من الحكومة. وأكدت فابر أن “ميزانية اللجوء ضخمة جدًا”، وأضافت: “من يدفع، هو من يقرر”.
انتقادات لاذعة من منظمات حماية الطفل
واجهت الوزيرة فابر انتقادات حادة من مؤسسات مختصة برعاية الأطفال طالبي اللجوء. فقد شبه المعهد الهولندي للشباب (NJi) الرحلة الملغاة بأنها “حاجة إنسانية أساسية”، وقال في بيان: “هذه ليست حلوى، بل ساندويتش صحي وضروري”. وأضاف: “عندما تصف الترفيه بأنه ترف، فإنك تنكر قيمته الوظيفية”.
وأكد المعهد أن الأنشطة الترفيهية خارج أجواء مراكز اللجوء المشحونة بالتوتر ضرورية لنمو الأطفال. وقال: “حين يخسر الطفل لعبة، يتعلم كيف يتعامل مع خيبة الأمل. ومن خلال أنشطة الاسترخاء، يتعلم التعاون وبناء العلاقات الاجتماعية”.
وأشار NJi إلى أن الأنشطة داخل مراكز اللجوء، مثل الرياضة والألعاب، تتم غالبًا في بيئة مغلقة ومتوترة، بينما توفر الرحلات الخارجية بيئة جديدة تساعد الأطفال على التعافي من الصدمات وبناء منظور إيجابي.
“اللعب ليس ترفًا… بل ضرورة للنمو”
بدورها، أيدت منظمة “فلوختلينغن فيرك نيدرلاند” (VluchtelingenWerk Nederland) تلك المخاوف، قائلة: “الحياة داخل مراكز طالبي اللجوء أو الملاجئ الطارئة مرهقة للغاية. يشهد الأطفال معاناة آبائهم مع إجراءات اللجوء الطويلة، ويعيشون في ظروف تفتقر حتى إلى الخصوصية الأساسية”.
وأضافت أن “رحلة بسيطة ليوم واحد يمكن أن توفر فوائد نفسية هائلة، حيث تعزز ثقة الأطفال بأنفسهم، وتساعدهم على التعبير عن مشاعرهم، والتعامل مع مخاوفهم بأمان”.
واتهم رئيس المنظمة، فرانك كاندل، الوزيرة فابر بـ”استغلال القضية سياسيًا” بدلًا من معالجة التحديات الحقيقية في نظام اللجوء. وقال لـ NOS: “يبدو أن الوزيرة تنسى أنها مسؤولة عن هؤلاء الأطفال وعن توفير بيئة آمنة لنموهم — وهذا لا يشمل الغذاء والنوم والتعليم فقط، بل يشمل أيضًا الترفيه والرياضة”.
وأضاف: “الكثير من مراكز اللجوء غير مناسبة تمامًا للأطفال، والرحلات ليست رفاهية، بل ضرورة”. وتابع: “الوزيرة تُمارس السياسة على حساب الأطفال بدلًا من أداء مهامها الحقيقية”.
وأشار معهد NJi أيضًا إلى أن “توفير فرص متساوية للعب والترفيه هو التزام قانوني بموجب اتفاقية حقوق الطفل الدولية”، مضيفًا: “لهذا تستثمر هولندا بشكل كبير في الأنشطة الترفيهية للأطفال”.
تضامن شعبي… وجمع تبرعات بأكثر من 204,000 يورو
ردًا على إلغاء الرحلة، أطلق مواطنون هولنديون حملة تبرعات جماعية تمكنت من جمع أكثر من 204,000 يورو لمساعدة الأطفال على القيام برحلة بديلة. وتعمل COA حاليًا على دراسة أفضل السبل لتوزيع هذا المبلغ لصالح المجموعة.
من جانبه، صرّح رئيس الوزراء ديك سخوف يوم الجمعة أن خطط الوزيرة لم تُناقش بعد داخل مجلس الوزراء، ورفض التعليق بشكل مباشر. وقال في مؤتمره الصحفي الأسبوعي: “سننتظر نتائج المناقشات بين فابر وCOA. وإذا أدت إلى مقترحات سياسية أو تغييرات في القانون، فسنتعامل معها في وقتها”.


+ There are no comments
Add yours