مقال رأي بقلم: ليو لوكاسن وهاين دي هاس
بدلًا من اتهام الهجرة بأنها السبب وراء مشاكل المجتمع الهولندي، يجدر بنا النظر إلى الحقائق والأرقام، كما يجادل البروفيسوران ليو لوكاسن وهاين دي هاس.
في 22 أكتوبر، نشرت صحيفة فولكسكرانت مقابلة مع يان فان دي بيك بمناسبة صدور كتابه “هولندا.. مغناطيس الهجرة: الأساطير، الحقائق، الحلول”. زعم فيه أن الهجرة القائمة على اللجوء، وخاصة من المسلمين القادمين من الشرق الأوسط وإفريقيا، تسبب اضطرابًا في المجتمع وقد تؤدي إلى كارثة إذا لم تُعدّل السياسات.
لكن بما أن فان دي بيك يسعى إلى دحض “الأساطير”، فمن المفيد التحقق من صحة بعض مزاعمه.
التعليم: هل المهاجرون حقاً غير قادرين على الاندماج؟
وفقاً للأبحاث التي أجرتها مؤسسات مرموقة مثل مكتب الإحصاء المركزي (CBS) ومعهد البحوث الاجتماعية (SCP)، فإن الصورة التي يرسمها فان دي بيك ليست دقيقة. على سبيل المثال، عند النظر إلى أداء أطفال اللاجئين في المدارس، نجد أن الأطفال من أصول إيرانية وأفغانية وعراقية يحققون نتائج جيدة للغاية، بل ويقتربون من المعدل العام للأطفال الهولنديين. في المقابل، يتخلف الأطفال من أصول سورية وصومالية بسبب ظروف نشأتهم وصعوبات بداية حياتهم في هولندا.
هذا يشير إلى أن عملية الاندماج تعمل، وإن كانت تستغرق وقتاً، وأن الدين أو الثقافة ليسا بالضرورة العوامل الحاسمة في النجاح التعليمي، كما يدّعي فان دي بيك.
الجريمة: هل يثبت الواقع ما يدّعيه فان دي بيك؟
من الصحيح أن معدلات الجريمة بين بعض الفئات المهاجرة كانت مرتفعة نسبيًا، لكنها انخفضت بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية. فعلى سبيل المثال، بين عامي 2005 و2021، انخفضت نسبة المشتبه بهم المسجلين في الجرائم إلى النصف في جميع الفئات، بما في ذلك أبناء المهاجرين.
أما الادعاء بأن مراكز استقبال اللاجئين تؤدي إلى زيادة في الجريمة، فقد أثبتت الأبحاث أنها غير صحيحة. على سبيل المثال، أظهر بحث أجراه مركز أبحاث البيانات WODC عام 2017 أنه لا يوجد ارتباط مباشر بين فتح مركز لجوء وارتفاع معدل الجريمة في المنطقة المحيطة به.
سوق العمل: هل يعاني اللاجئون من البطالة المفرطة؟
يواجه اللاجئون تحديات في سوق العمل، لكن المشكلة الرئيسية تكمن في الإجراءات البيروقراطية، حيث تمنعهم قوانين اللجوء من العمل خلال فترات الانتظار الطويلة. وبمجرد تجاوز هذه العقبات، يرتفع معدل التوظيف وتنخفض نسبة الاعتماد على المساعدات الاجتماعية.
كما أظهرت التجارب السابقة أن المهاجرين الذين وصلوا في التسعينيات، والذين بدأوا بظروف مماثلة، نجحوا في النهاية في العثور على وظائف، وكان بإمكانهم تحقيق ذلك أسرع لو دعمتهم السياسات الحكومية بشكل أفضل.
شيطنة المهاجرين: خطاب متحيز بعيد عن الواقع
بدلًا من تقديم تحليل متوازن، يعتمد فان دي بيك على انتقاء البيانات وتعميم السلبيات، مما يعزز الخطاب الذي يلقي باللوم على المهاجرين في جميع مشاكل هولندا، بدءًا من الجريمة وحتى أزمة الإسكان.
لكن الحل لا يكمن في الخطابات المتحيزة، بل في التحليل الواقعي والموضوعي للمشكلات، والبحث عن سياسات فعالة وشاملة. إن معالجة التحديات تتطلب رؤية أوسع من مجرد إلقاء اللوم على الهجرة.
✍️ ليو لوكاسن هو مدير الأبحاث في معهد التاريخ الاجتماعي الدولي وأستاذ العمل والهجرة العالمية بجامعة لايدن.
✍️ هاين دي هاس هو أستاذ علم الاجتماع بجامعة أمستردام ومدير معهد الهجرة الدولية.
🔹 نُشر هذا المقال لأول مرة في صحيفة فولكسكرانت.
+ There are no comments
Add yours