أعلنت هيئة التفتيش الصحية ورعاية الشباب (IGJ) عن فتح تحقيق في الانتهاكات الجسيمة التي يشهدها نظام الرعاية البديلة للأطفال اللاجئين في هولندا. جاء ذلك عقب تحقيق استقصائي أجراه برنامج Zembla التابع لـBNNVARA، كشف عن تعرض الأطفال اللاجئين للإهمال، ونقص الغذاء، وحتى الطرد المفاجئ إلى الشارع، بالإضافة إلى حالات سوء المعاملة وانعدام الأمان في بعض الأسر المضيفة.
نظام مراقبة ضعيف وأوضاع غير آمنة
يركّز التحقيق على مؤسسة Nidos، وهي الجهة المسؤولة عن حماية الأطفال اللاجئين القُصّر الذين يصلون إلى هولندا بدون ذويهم. تحدث البرنامج مع أكثر من 40 موظفًا سابقًا وحاليًا من مقدمي الرعاية، والمشرفين الاجتماعيين، والمعلمين، الذين أعربوا عن قلقهم الشديد من سوء عملية اختيار الأسر المضيفة وضعف الرقابة عليها.
بحسب وثيقة داخلية لمؤسسة Nidos تعود ليوليو 2023، فإن 40% من الأسر المضيفة تثير مخاوف تتعلق بمدى صلاحيتها لاستقبال الأطفال. وبسبب العبء الكبير على المشرفين، الذين يتحمل كل منهم مسؤولية العشرات من الأطفال، يصبح من الصعب مراقبة أوضاعهم بشكل مناسب.
إهمال صحي وانتهاكات خطيرة
كشف التحقيق أن بعض الأطفال تم إرسالهم إلى أسر تعاني من مشكلات صحية خطيرة مثل تفشي الجرب، وهي ظروف لم يكن ليُسمح بها في حالة الأطفال الهولنديين. كما أورد التقرير حادثة لطفل أصيب خلال مداهمة أمنية لمنزل الأسرة المضيفة، التي كانت متورطة في تجارة المخدرات.
في حالات أخرى، لم تتخذ المؤسسة أي إجراءات حاسمة رغم تلقيها بلاغات عن إساءة معاملة أو إهمال للأطفال بسبب النقص الحاد في أماكن الإيواء، مما أدى إلى تجاهل بعض حالات سوء المعاملة بشكل ممنهج.
انتقادات حادة من الخبراء
علّقت أستاذة قانون الأطفال، مارييل برونينغ، قائلة: “عندما تكون هناك إشارات تدل على انعدام الأمان، يجب التدخل فورًا لحماية هؤلاء الأطفال.” في حين أشار البروفيسور ميخا دي وينتر إلى أوجه الشبه بين هذه الانتهاكات وبين ما وثقه في 2019 عن العنف المنهجي في مؤسسات رعاية الأطفال منذ عام 1945، مشددًا على وجود مشاكل متكررة تتعلق بسوء اختيار الأسر، وضعف الإشراف، ونقص الدعم.
اختفاء أطفال واستغلال محتمل
أثار المبلغون عن المخالفات أيضًا مخاوف بشأن سلامة الأطفال اللاجئين غير الحاصلين على إقامة، والذين يتم إيواؤهم في مراكز طوارئ مثل الفنادق على الطرق السريعة، حيث تم الإبلاغ عن نشاطات إجرامية.
أشار أحد الشهود إلى أن الفتيات اللاجئات كنّ يختفين بشكل متكرر من هذه المراكز، وسط شبهات بحدوث عمليات اتجار بالبشر. وقال: “رأينا بعضهن يعدن بكدمات، بينما لجأت أخريات إلى شرب مواد كيميائية مثل الكلور بسبب اليأس. كما سُجّلت حالات حمل غير مرغوب فيها.”
زيادة هائلة في أعداد الأطفال اللاجئين
من جهتها، أعلنت Nidos أنها ستبدأ تحقيقًا داخليًا، وستجري مقابلات فردية مع جميع الأطفال الموجودين في دور الرعاية البديلة. وأشارت المؤسسة إلى أن عدد الأطفال اللاجئين الذين تشرف عليهم ارتفع من 3,000 في عام 2021 إلى أكثر من 10,000 حاليًا، مما أدى إلى انخفاض جودة الرعاية نتيجة نقص الكوادر المختصة.
يأتي هذا في ظل تقارير سابقة تكشف عن فقدان أكثر من 50,000 طفل لاجئ في أوروبا خلال السنوات الثلاث الماضية، بينهم 360 طفلًا اختفوا من مراكز الاستقبال في هولندا عام 2023، وخاصة من مركز “تير آبل” الرئيسي لاستقبال اللاجئين.
+ There are no comments
Add yours